دون كيخوتي رواية لأديب أسباني تحكي قصة انسان فقد عقله نتيجة الولع بأخبار الفرسان والمحاربين وأراد محاكاة ذلك فهام في الارض مرتديا درعا قديماـ متطيا حصانا خائر القوى، متقمصا كلمات الفرسان وحركاتهم، باحثا عن معارك غير ذات جدوى هنا وهناك ليثبت بطولته... فصار يتخيل طواحين الهواء أعداءا ويحقق انتصارات وهمية عليها.
.
لا ادري ان كانت الرواية تحاكي شخصية يعرفها الكاتب ام هي وصف لحالة مجتمع فقد بوصلته ... لكنني متأكد تماما أن ما قام به هذا الفارس الخائب هو ما نفعله نحن كمجتمعات متخلفة في معاركنا في هذه الدنيا ... فرغم قلة امكانياتنا وهزال أدواتنا نصر دائما على دخول معارك كثيرةمتأثرين باجترار اخبار وأساطير لا ندري صحتها عن أبطال وأجداد ولكنها تحفر عميقا في وجداننا ... ليست هنا المشكلة ولكن المأزق أننا نختار الأعداء الخطأ ايضا فكما حارب بطل الرواية طواحين الهواء ... لازلنا نقصر معاركنا علي احتياز سلطة أو غنيمة او الثأر لما نظنه اهانة لنرجسيتنا المفرطة او معارك لاثبات أننا الأجدر والأقوى بشكل صبياني رغم هزال أحصنتنا وبدائية أسلحتنا !!!
.
لقد كان الأجدر والأجدى للفارس الأسطوري ولنا ان تكون معاركنا حول امتلاك اسباب القوة والمال والنظر فيما يجعلنا أكثر فقرا وبؤسا وجهلا فنحاربه لنكون فعلا فرسانا حقيقيين نستطيع أخذ حقوقنا بعد أن أدينا واجباتنا بجدارة ... ثم يمكن بعد ذلك أن نقارع الكبار بانتاجاتنا الثقافية والمادية وان نصل الى ما نصبوا اليه.
.
ان المصير المحتوم لكل معاركنا الوهمية هو الفشل لأنه لا يوجد انتصار بلا عدو حقيقي ... ونحن تركنا أعظم أعدائنا المتمثل في أنفسنا المتواكلة وعقولنا المشوشة لنشعل نار معارك تافهة لا تزيدنا الا تخلفا ودمارا ... اللهم لا تجعلنا من الأخسرين أعمالا (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ). أمين
.
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق