التركيز على التطرف الاسلامي وهو واقع لا شك فيه ولا ينكره الا مكابرفي عالم اليوم ... جعلنا نغفل على باقي التطرفات التي لا تقل خطرا عنه ... ان الفكرة الأساسية لأي تطرف ليس التدين او الإلحاد أبدا ... الفكرة الرئيسية هي وهم امتلاك الحقيقة المطلقة ونحن كبشر كائنات نسبية متغيرة ... فإذا كان الاسلامي المتطرف يظن انه باستناده الى الدين الذي هو وحي الاهي يكون بذلك قد أنزل نفسه منزلة الإله وامتلك صلاحياته ... إن غير المتدين قد يصل الى نفس النتيجة بطرق أخرى ... الفاشيون يظنون انهم يمتلكون كل هذه الحقائق والصلاحيات لاستنادهم لفكرة حب الوطن وانهم بذلك يمكنهم فعل اي شئ ... والنازيون والقوميون والقبليون يصلون لنفس المرحلة عبر تمجيد أعراقهم وشعوبهم وقبائلهم ويعتبرون بقية الناس أقل مرتبة وكرامة ويمكنهم قتلهم لتمجيد أوهامهم ... والعلمانيون يصلون الى نفس النقطة عبر وهم امتلاك الحقيقة المستندة الى العقل وظنهم انهم يمكنهم بذلك هدم كل النظم الدينية او المجتمعية استنادا الى اجتهاداتهم التي ربما ناقضت بعضها بعضا ... وهكذا فإن حقيقة هؤلاء انهم كلهم يتعبدون في محراب وهم إتخذوه إلاها وأباحوا لأنفسهم اقصاء او انهاء كل من يخالفهم ... كل هؤلاء متدينون او بالأحرى ضالون في مسالكهم ... يمكنك أن تكون متدينا ومحبا لوطنك وعرقك وقومك وقبيلتك ومتنورا عاقلا، بالشكل الذي تريد وبالعقيدة التي تختارها لنفسك ... ولكن لا يحق لك ان تضطهدني او تقصيني او تقتلني لأنني أخالفك ... ما نراه اليوم هو فوضى في التطرفات بدعوى محاربة التطرف وذلك لا يزيدنا كمجتمعات الا خبالا وتيها عبر تقديم علاجات قاتلة بالاستناد على تشخيصات قاتلة من هواة لم يدرسوا طب المجتمعات ولم يتعلموا كيف ترتبط وتتفاعل أجزاؤها ... وطب الجهلة أشد فتكا من المرض نفسه !!!!
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق