الشعار الأبرز الذي ترسخ في مجتمعاتنا عبر قرون متطاولة من الظلم والظلم المضاد (مجتمعات التظالم) هو قول الشاعر (ونحن أناس لا توسط عندنا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر) ... لذلك فأن أي كلام عن التفاهم او الحوار او غيرها من التسويات هي لغة غير مفهومة اطلاقا على المستوى العقلي والنفسي ... وهي لا تعدو غالبا الا اهدارا للوقت حتى يتغلب احد الأطراف ... فانسان هذه المجتمعات اما أن يكون ظالما مظلوما ... ان هذا النمط يتجاوز السياسة والحكم ليحفر عميقا في كامل العلاقات المجتمعية بداية من الاب الظالم والابناء المقموعين على مستوى الاسرة ... ثم بالتدرج في كل المؤسسات الأخرى الى أن نصل الى الحاكم بأمره الذي يملك الأرض ومن عليها ومجموعه محكومين بائسين يصفقون له في العلن ويضمرون له الحقد في السر لأنه احتكر هذا الظلم المقدس دونهم ... ان هذه الطريقة الغبية في العيش هى أعظم آليات استمرارنا في مستنقعنا الآسن ... بداية التغيير تبدأ بتغيير هذه العلاقات وتربية أجيال لا تحكمهم هذه العقدة ... ليس الأمر مستحيلا فكل المجتمعات مرت بهذه الفترة وتجاوزتها ... اما نحن فيبدو أننا وجدناها هذا النمط مثاليا للتخلص من أي مسؤولية في التغيير وإلقاء كامل المسؤولية على الحاكم الظالم الذي هو بدوره أحد ضحايا هذه العقلية ... لأن تكون مواطنا حرا في بلد يحترمك أفضل بمراحل أن تكون حاكما مطلقا في بلد متخلف ... معظم العاقلين يقتنعون بذلك ... اما المرضى فيفضلون ان يمارسوا تسلطهم على اي شئ وفي اي مناسبة ولو ماتوا بعد ذلك ... وكأنهم ليسوا أمواتا في الحقيقة !!!!
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق