2017/05/26

تدمير الاسلام

إن التحدي الذي قدمه الاسلام منذ يومه الأول هو مفاهيمه الأصيله التي فهمها انسان الجزيرة البسيط وتفاعل معها وعرف ان فيها حلا لمشاكله ... ان المفاهيم والقيم هي اول ما تثير الانسان وتلفت نظره وليس مجرد الفروع الفقهية او القانونية ولا ما يصاحب نشؤ الدولة من مماحكات سياسية وصراعات طبيعية بين البشر ... ان اللعبة الكبرى التي جرى تطبيقها منذ أكثر من قرن من الزمان هو عزل المسلمين عن قيمهم الروحية والتي هي لب الدين وجوهره من علوم للتزكية والتصوف وعلماء ربانيين بحجة ان كثيرا من البدع والشركيات قد اختلطت بهؤلاء ... وهو ان كان حقا في ذاته الا أنه تم استخدامه بخبث شديد لاهدار كل الانتاج الصوفي / القيمي ... وقصر الدين على الفقه بعد ان تم تشويهه ايضا عبر تقويض مدارسه ومناهجه التي خدمت من أجيال متعاقبه من العلماء والدعوة الى فتح باب الاجتهاد او الاخذ رأسا من النصوص ... ثم التركيز على نظرية واحده كانت الى وقت قريب مهجورة من علماء المدارس الاسلامية في الهند والعراق والشام والحرمين ومصر والمغرب العربي في علوم التوحيد والكلام وتقديمها بأنها النظريه الكامله التي يعد الخروج عنها كفرا او بدعة على الاقل ... كل هذه الهزات المتلاحقة عبر مدارس تدعي التجديد وتشاب بكثير من الغموض في نشأتها ورعايتها بداية من الدعوة السلفيه وما استمد منها وسار في ركبها من مدارس وشخصيات هنا وهناك ... وأخيرا تبديد جهود المسلمين في اقحامهم ضمن الاسلام الحركي والسياسي ليتحول حاملوا الفكر الديني الى مجرد سياسيين يتلوثون بكل سخافات السياسة بغض النظر عن الافته التي يحملون!!!
 كل ذلك تم ويتم وفق خطط في نظري لافراغ الاسلام من محتواه ليتحول الى مسخ يفر منه الناس بدل ان يكون جاذب لهم ... وعقد مقارنه بين الامس واليوم سينبأنا بذلك ... فلم نعد نجد قمما روحية وقدوات اخلاقية يراها المسلم اليوم تجسيدا للاسلام بلا مصالح ولا تحيزات ولا تحزبات ... ولم نعد نرى علماء في حجم مشائخ الازهر وعلماء الزيتونه والقرويين الذين كانوا جبالا في العلم والعمل كما تنبؤنا سيرهم ومؤلفاتهم ... ولم نجد بين المسلمين تلك القيم والعواطف الاسلامية النقيه التي تجعل من المسلم كائنا رحيما يعطف ويساعد من حوله من بشر وحيوان .
 ان الناظر لاحوال العالم الاسلامي اليوم لن يشهد على ساحته شرقا وغربا الا مسلمين يقتتلون باسم الاسلام عبر تكفير وتبديع بعضهم بعضا ... او حركات اسلامية شوهتها السياسة واستهلكت قواها ... ومذاهب قشورية تكتفي من الاسلام بطقوسه ولا تغوص في حقيقته !!!
 الحق ان أعداء هذا الدين عندما قالوا انه لا بد من ايجاد اسلامات لمحاربه هذا الاسلام افلحوا جدا ... وحولوا عواطف الناس لمناصره هذه الاسلامات المختلقه وحصروا فيه انظارهم وجهودهم ... صحيح ان تاريخنا الاسلامي كان مليئا بالنكبات والاخفاقات ... ولكن المختلف ان الشعوب المسلمه كانت هي المحتضنه للاسلام كلا حسب اجتهاده وفهمه ... اما اليوم فالمراد هو نزع الاسلام من وجدان الشعوب وتحويله الى طقوس وصراعات ليقضى عليه تماما ... وهو ما نراه في ابتعاد الناس والشباب خاصة عن هذه النسخ المشوهة لظنهم هي الاسلام ... اللهم قيض لدينك أناسا ربانيين يحسنون فهمه وافهامه لغيرهم فلازال هو الدين الخاتم ولا زالت البشريه في حاجة قيمه التي لم يعرف ويستكشف الا أقلها ليروي هذا الظمأ الروحي على مستوى العالم.
 اللهم انا نشهد لك بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرساله وبصلاح هذا الدين وقدرته على اصلاح دنيا الناس وأخرتهم ... اللهم لا تسلبنا ذلك وأعز دينك بأناس عقلاء واعون وابعد عنه كل مكدر وجاهل .

ي.أ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق