- سألني بمكره المعتاد .. يبدو أنك لست متحمسا لثورة 17 فبراير؟
- قلت يا صديقي انا من المعاصرين لها بالتأكيد ومن المقاسين لكثير من معاناتها ايضا وفقد كثير من الاصدقاء والجيران وحصار استمر لأشهر شأني شأن أهل مدينتي ... اما التحمس فهو فعل عاطفي في نظري يرتفع أحيانا في بعض اللحظات ويخبوا في لحظات أخرى ... ما أتذكره أنني كنت مترددا في الحكم عليها من البداية ربما لأنني بطبيعتي متردد وذلك عيب أعرفه من نفسي كما أنني أجد فيه بعض المزايا أحيانا !!
- يا رجل ألا تترك هذا الهراء جانبا وتجبني بشكل صريح؟
- نعم سأحاول .. يا صديقي أنا ممن ابتلاه الله بقليل من القراءة في محيط لا يحب مثل هذا النوع من الأعمال ... ومشكلة هذا المرض انه يعرفك على تجارب كثيرة تتخطى بك الزمان والمكان فتجعلك تعيش أعمارا عديدة في أماكن متابعدة وهذا بالتأكيد سيجعلك تقارن ما أنت فيه بتلك التجارب ... وكل عاقل يعلم حتما أن القذافي كان من أراذل البشر والحكام مهما برر له محبوه ... وتغيير نظام حكمه المتخلف لا يشك عاقل انه عمل جيد ... ولكن ما حدث يا صديقي أن من جاء بعده هم أولئك الذين أفلح القذافي في تشويه انسانيتهم اما بحبسهم وسجنهم واما بتشريدهم في بقاع الأرض ليعيشوا مهانة الذل واما ذلك النوع من المغامرين المتسلقين الذين لا يمتلكون مؤهلات السياسة وتولي الشأن العام ... ثم أضف على ذلك تدخل كل تلك الأطراف الدولية والاقليمية التي ساهمت في احداث هذه الثورة و(نجاحها) ظاهريا ... فهي لم تكن ثورة الليبيين بقدر ما كانت عملية للتخلص من عميل وايهام الناس أنهم من أزاحه ... ولا شك أن الوهم والايهام هو أحد اسلحة التحكم في الجموع في هذا الزمن .
- يا رجل ماذا تقول لم كل هذا اللف والدوران .. كن صريحا؟
- ليس لفا ولا دورانا يا صديقي ولكنه محاولة لتوصيف عملية معقدة أرادوا منا فهمها على أنها عملية بسيطة وعفوية بينما تم طبخها بمكر شديد لتكون نتائجها صالحة للاستثمار عقودا في المستقبل.
- أنت أكيد انجنيت ... اسمع جاوبني بصراحه وبشكل مباشر.
- حاضر.
- هل الثورة عمل جيد ام سئ؟
- هي عمل جيد متى علمت أهدافها ومحركيها وهي عمل سئ متى جهلت أهدافها ومحركيها.
- هل القذافي جيد؟
- القذافي افراز طبيعي لشعب معقد تائه لذلك من المستحيل أن يكون جيدا.
- هل حققت الثورة أهدفها؟
- قل ما هي الأهداف وعندها سأحاول الاجابة.
- ما قولك فيمن يقول ان الثورة جيدة لاننا فقدنا فيها كثيرا من الرجال؟
- الحرب العالمية الثانية قتلت 50 مليونا من البشر وبكت فيها ملايين الأسر على أبنائها ولازال أثرها في السياسة الدولية ماثل حتى اليوم ... لكن الكل يقول أنها كانت فظيعة وغير جيدة .. ومنها تعلمت المجتمعات التي شاركت فيها أنه أن نستكشف حلا لخلافاتنا بعيدا عن الرصاص والمدافع.
- يا رجل لقد أرهقتني معك ... دعني من كل ذلك وقل لي كيف يمكن ان نخرج مما نحن فيه ؟
- ربوا أبناءكم على أن الخلاف السياسي لايمكن أن يكون سببا لقتل البشر !!!!!
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق