سمعت منذ قليل في راديو السيارة ان اليوم هو ذكرى تأسيس الجيش الليبي ... ولكن كالعادة لم يتكلم ناقل الخبر عن ان هذا الجيس كان من تأسيس الانجليز لهزيمة ايطاليا ... وتلك احد مظاهر تعاملنا الغريب مع التاريخ ... فعندما نتكلم عن بطولات الاجداد وأساطيرهم دائما ما يكونون نبلاء وأولياء صالحين مما يجعلك تتسائل عن هوية من كان يقطع الطريق ويرتزق من ذلك ... وعندما نرجع الى التاريخ الاسلامي لا احد يريد ان يتكلم عن فضائع الدول وامراء المؤمنين ضد شعوبهم ... وعندما نتكلم عن محاربة الاجداد للطليان لا احد يحب ذكر امداد ألمانيا لهم بالسلاح ولا تلك المعارك الطاحنه بين قادته ... وعندما نتكلم عن السنوسية وجهادهم لا احد يحب ان يتكلم عن عقد اي اتفاقات مع ايطاليا ولا دعم الانجليز لهم من مصر لحرب ايطاليا ... وعندما نتكلم عن ثورة الفاتح من سبتمبر لا احد يتكلم عن كيفية قدرة ملازم على قيادة ثورة في بلد فيها قواعد امريكيه وانجليزية ... وعندما نتكلم عن ثورة 17 فبراير لا احد يريد ان يتكلم عن الدعم الدولي للاطاحة بالقذافي ... وفي كل مواقفنا التاريخية سنجد ذلك الجزء المتواري الذي لا نرتاح لمجرد تذكره .
سيقول البعض ولم كل هذا التحامل ... لماذا تجلد نفسك ... ولماذا تصر على ذكر النقائص والاخطاء ... وسيكون جوابي ان تذكر اخطاء التاريخ أهم بمراحل من ذكر انتصاراته ... فبذكر الاخطاء وأسبابها سنعرفها ونتجنبها مستقبلا ... اما التحدث عن الانتصارات وتعظيمهما فهو الذي خلق هذه العقليات التي نراها اليوم والتي لا تجيد التعامل مع الواقع لأنها غارقة تماما في أوهام وأساطير طوباوية نتيجة هذه النظرة الجزئية والانتقائية ... وهو ما جعلنا نتخلف عن باقي شعوب الدنيا التي تعترف بأخطائها وتستفيد منها ... اكاد أن أجزم أن المراقب لنا من الخارج سيصفنا بالجنون ... فبعضنا يريد فتح الدنيا ونشر الاسلام ببنادق روسية وخطط أمريكية وتفجير محطات القطارات ... وبعضنا يظن ان ارتدائه لملابس الاوربيين او شرب الكوكاكولا والتشدق بمصطلحات فولتيراو الاستهزاء بالدين وشعائره سيجعلنا بالتأكيد من الدول المتقدمة ... كل تلك التشوهات نتجت عن الاصرار على النظر لأنصاف الحقائق والتعامل معها باعتبارها حقائق كاملة ... العالم ليس افضل منا ... فقط نريد تحطيم اصنامنا والتفكير بشكل مختلف ان اردنا أن نتغير ... والا فسنستمر أضحوكة الى الأبد !!!!!!
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق