2017/10/02

قليل من التاريخ المعاد باختصار

يقال أن الترجمة الصحيحة للعلمانية هي (الدنيوية) ... لما ضاق الناس في أوربا ذرعا بدول دينية إكليريكة تدعي النيابة عن الله وتحكم الناس بهذا المفهوم بعد أن قام التحالف بين سلطتي البابا والملوك وصار ينصبهم باسم الرب ... رأى مفكروهم أن الدين بهذا المفهوم بلاء مستطير ولا بد من ابعاده عن حياة الناس وسياستهم وحكمهم ... فقالوا بضرورة حكم من نوع جديد يتأسس على العقد الاجتماعي الذي يكون فيه الناس هم من يفوضون الحاكم للحكم وينزعونه منه متى شاءوا بدون الدخول في أبعاد دينيه مقدسة وهذا ما انتج العلمانية ... بعد ذلك ومع تغول الرأسمالية وشيوع دين خفي هو السوق وقيمه ، بدأ يظهر ما يسمى العلمانية الشاملة اي فصل الانسان عن كامل منظومة القيم المستندة غالبا على الدين وجعله لا منتمي لأي منها ... وتحويله الى مادة وترس في آلة السوق والاستهلاك الضخمة ... الغريب أن هذا المسار التاريخي الذي مر به الغرب يرد منا تكراره اليوم بعد أن تجاوزته تلك المجتمعات بداية من صنع الحركات الاسلامية المعاصرة في المئة سنة الأخيرة ومحاولة وصولها الى الحكم ... وهذا ما بدأت آثاره تظهر للعيان اليوم ... كل هذا الضجيج من الحركات الاسلامية وتولد حركات عنيفة والضخ الاعلامي والفكري ضدها سيجعل الناس والشباب يبتعدون عن الدين والمطالبة بابعاد الدين عن السياسة ... هذا المسار مع انه معروف ومرصود ومرت به مجتمعات قبلنا فإننا لم نستفد منه ولم نقرأ ونتدبر ... ولعل ذلك من تجليات قول الصداق المصدوق صلى الله عليه وسلم (( لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ )) [ متفق عليه ] !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق