من مساوئ زمننا وما فيه من أدوات (التواصل/التقاطع) أنها زادت الفجوة بين الأجيال بشكل غير مسبوق في تاريخ البشر، مما يهدد كامل الهوية البشرية ويضرب أهم خصائصها وهي نقل الخبرات والتجارب بين الأجيال ... لقد بدأنا نرى أجيالا لا تعرف عن واقعها وتاريخها الذي أنتج هذا الواقع أي شئ ، بل ربما نظرت إلى هذه الأمور بشئ من السخرية و التعالي ... فهي أجيال لا ارتباط لها بحكايا الأجداد والجدات ... لم تسمع مطلقا حكايات (حديدان والغولة) ولم تتعرف على شخصية (ام بسيسي سيسية أم كريع ملوية)، ولم يقل لها أحد أن (بوك شيشبان طاح في البرمة ما بان) ... ولم تسمع من المواقف والحكايات التي مر بها أسلافها أي شئ، فهي لم يقل لها أن أحد أجدادها انتقل الى العيش هنا نظرا لخصومته مع جار قديم، ولم تعلم أن أحد أعمام جدها كان شاعرا مثلا او شيخا او موظفا كبيرا... كما أنها لا تعرف الارتباطات العائلية والقبلية ولا تجهد نفسها في معرفتها فلا يعني لها شيئا اي اسم تسمعه رغم وجود بعض القرابة القديمة أو النسب بينهم ... هي لم تقرأ شيئا في كتب التراث ولا علومه ولم تحفظ أن فرائض الوضوء هي (وجهي وايديا وراسي ورجليا والفور والدلك والنية) ... كما انها لا تفقه كثيرا في أسباب المناسبات الدينيه والاجتماعية وأسبابها وارتباطاتها.
.
سيتسائل البعض ولكن ما نفع كل هذا الهراء وحق له أن يتساءل ... فنحن لا ندعوا ان يستغرق الانسان كل وقته في هذه الأمور ... ما نريده فقط هو القليل الذي يكسب أبناءنا طعما ولونا ، ويجعل منهم أكثر ذكاءا في التعامل مع محيطهم، وأقدر على التواصل مع بني جنسهم ومحيطهم وبلدهم ... كما أنه يزودهم بكمية من التجارب والتصورات والقيم ويدرب أذهانهم على الربط والتحليل والاستنتاج.
.
تحدثوا الى أبنائكم يرحمكم الله ، فهذا النمط المغلق المتجاهل لكل شئ إلا ما يحيط بنا من ماديات تنتج أجيالا باردة كئيبة لا تدرك من هذه الدنيا الا اسباب المتعة والاستهلاك التي تغرق فيها هربا من حقيقة جهلها وسطحيتها وخوائها العاطفي والفكري ... تحدثوا الى أبناءكم لنمنع انتاج هذا النمط من الكائنات المرعبة !!!!!
.
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق