في جلسة قصيرة مع أحد الزملاء بالأمس دار الحديث حول مسألة كثيرا ما أثرتها منذ 2011 الى اليوم وهي مسألة غياب النقد والتقييم لمسيرة ليبيا في عهد القذافي وماهي الدروس المستفادة من ذلك ... فلم تكن مشكلة القذافي يقيبنا في لون عينيه او تسريحة شعره او انتمائه القبلي او العرقي ... كان اللوم المنصب عليه هو أنه عطل قيام دولة حقيقية عبر تركز كل السلطات في شخصه ... والتقصير في بناء ليبيا في فترة ذهبية من تاريخها ربما لن تتكرر كمداخيل اقتصادية ... اما سلوكه الشخصي وهو ما ركز عليه الكثيرون في منذ 2011 الى الأول عبر الادعاء انه يهودي او انه سكير او زير نساء فتلك أمور حتى لو سلمنا بصحتها فهي لا تهم المواطن العادي اطلاقا .
.
اليوم انتبهت ان هذه الأيام هي ذكرى انتهاء القذافي ونظامه ... فترة حكم القذافي انقضت بكل ما فيها من خير وشر وسواء كنا مناصرين له أو ناقمين عليه، وسواء اكتشفنا حسنه او قبحه بعد موته ... فالتاريخ لا يرجع الى الوراء ... واستخدام تقنية الشماته او المعايرة لن يرجع الزمان الى الخلف كما انه لن يسهم في بناء أي شئ حاضرا او مستقبلا ... لكن مشكلة هذه الفترة انها ستظل كغيرها من الفترات التي مرت بها بلادنا مجرد سنوات تعد ولكنها تظل مجرد فجوة زمنية بالنسبة للتاريخ الحقيقي الذي يتجاوز سرد الاحداث الى فهم الأسباب والعلل ويشخص المشاكل ويحاول الاسهام في وضع الحلول ... وستنقضي ايضا ايام ثورة فبراير وتلحق بباقي الحقب قبلها بدون مراكمة أي خبرات يستفيد منها من سيأتي بعدنا ... يبدوا أننا نستمتع بالعيش بلا هدف على مستوى الأفراد والجماعات أيضا ... لذلك سنظل في تيهنا الى ما لا نهاية ... ان ما يميز المجتمعات الحية ليس كمالها أو خلوها من الأخطاء ولكن ما يميزها هو القدرة على تشخيص مشاكلها وامتلاك شجاعة الاعتراف بيها لا ليسجل هذا الاعتراف نقاطا تحسب لصالح فلان او ضده بل لتكون منطلاقا لايجاد الحلول لهذه المشاكل ... لو رجعنا لبعض كتب التاريخ والحوليات لرأينا تقلد عشرات الأشخاص لمنصب الحاكم في بلادنا ... وما مر بنا من حكام وساسة سيتحولون الى شخصيات من هذا القبيل بعد سنوات قليلة أيضا ... ذهبت أمجادهم وأموالهم وعلاقاتهم وتحالفاتهم وأبقوا التخلف والفوضى والجهل المركب لتكون النتيجة مجتمعات بائسة تعيش متطفلة على هامش التاريخ في كل شئ !!!!
ي.أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق