طرفة او نكته تحكي عن ذلك الذي ينقاش احد كبار السن في تسميه الميكروفون بلاقط صوت واصراره على ذلك ... فما كان من ذلك الرجل الا الرد بجملة (أصنعه وسميه حتى حليمة) ... ان مشكلتنا مع الاسماء والمسميات مشكله قديمة حديثة تصوغ كثيرا من تصوراتنا وخلفياتنا المعرفية والوجدانية ... فنحن أمة مولعة بالألفاظ غالبا ... لازال الشعر والخطابة تحركنا وتحدد تفاعلاتنا ... فنحن مستعدون لإاقامة مناظرات ومعارك حول قضايا لو حققنا فيها لوجدنا ان الخلاف فيها لفظيا بعرف علماء أصول الفقه ... ربما لأننا نعجز دائما عن تحديد التعريفات والحدود والاهداف فنتوه في بحر متلاطم من الألفاظ التي تزخر بها لغتنا ... وكل لفظ يختزن معنا وظلالا عبر رحله اشتقاقه واستعماله او عبر تفاعلنا اليومي مع هذا اللفظ ... هذه الخلافات الوهمية هي من اكبر المشاكل التي نعانيها اليوم في تصورات بناء الدولة ووضع آلياتها ... فمن عاش سنينا في سجون القذافي لازالت لفظة (الشرطة) تمثل له هاجسا ربما لانها اعتقلته او عذبته ... كما أن لفظ (الثورة) ربما مثلت هاجسا لمن استفاد من ثورة القذافي ولكنه لا يريد ان يعترف ان ثورة فبراير ثورة لانها ستسلبه هذه الامتيازات ... وقس على ذلك في كثير من المواقف والحالات التي تختلف حولها الاراء بشكل حاد بداية من الشريعة وانتهاءا بالجيش ... المخرج في نظري من كل هذه المعارك الدونكيشوتيه هي تحديد الأجهزة والهيئات بتعريفات واضحه وأهداف تلتزم بها ولا يسمح لها بتجاوزها ... ان الفوضى الحقيقية ناتجة غالبا من عدم تحديد المفاهيم والتي تنعكس عندنا صراعات وحروب وشتائم وفوضى في عالم الأشخاص والأشياء ... فلنحدد اولا ما الذي نريده ثم (سميه حتى حليمة) !!!!!
ي.أ