2015/02/18

في نقد الثورة

اعرف ان كلمة النقد دائما ما تسبب لنا نحن العرب عامة والليبيين خاصة مشكلة من نوع ما ربما لأننا نتعامل مع معظم الامور بشكل شخصي ... إشكالية تتعلق بالتربية أساسا وببنية المجتمع الأبوي حيث ان الكلمة دائما للكبير والأب والشيخ والزعيم ومخالفتها او حتى تصحيحها ونقدها يعتبر جريمة كبيرة لم نستطع التغلب عليها الى يومنا هذا ... عموما سأحاول ان اثير بعض النقاط والتي لا أدعي انني اكتشفتها بمفردي او توصلت اليها باستقلال عن غير ... بل هي مجرد تلخيص لقراءات وأفكار لعل أبرزها لرواية (مزرعة الحيوان) ... التي أحث الجميع على قراءاتها والتي تبين لنا ان كل ما مرينا به او نمر به مهما بدى غريبا فقد مرت به كل الثورات قبلنا وهو مرصود ومفهوم لكل المتخصصين في العلوم الاجتماعية والمهتمين بحركات الجماهير والجموع ... وهذا بالتالي ما جعلنا ككتاب مفتوح لكل من أراد التدخل او اللعب بنا واستغلالنا من الداخل او الخارج او الاثنين معا عبر تحالفات معقدة نرى اثرها ولا نفهمها بشكل دقيق ... ستكون النقاط مركزه قدر الامكان اختصارا للكلام ...
- عندما تكون الثورة غير مخطط لها ، سنكتشف في البداية أن البعض سيتولى الدعاية لها واستغلال الظرف البائس للجماهير لتأجيجها.
- الاكثر معرفة سيتوقف عن العمل وسيكتفي بالتوجيه وحيازة ما يمكن حيازته خلال انشغال الجماهير بالعمل المخلث والشاق.
- الشعور بسعادة غامرة نتيجة الحرية ولكنها ستكتشف ان الجلاد كان يقوم ببعض الخدمات لها وإن كانت تصب في صالحه أولا.
- وجود فائض من الموارد ووقت فراغ كبير نتيجة قلة وخبرة الثوار بالادارة .
- سيقوم الاقوى بعمل أصعب الاعمال وبشكل تطوعي في البداية.
- سيستغل البعض الوضع بأن يحتاز ما يقدر عليه بدون المشاركه في العمل وسيبرر ذلك بطرق مختلفة.
- يبدأ الثوار في محاولات تنظيم أنفسهم في احزاب او جمعيات ولكن سيبرز على السطح الأكثر كلاما وتنظيرا وستبدأ المنافسات بينهم فما أن يقترح أحدهم شيئا سيقوم الاخر بالمعارضة ... اما اذا كان الامر في مصلحة الجميع فسينتقل الجدل للتفاصيل (محاولة الهيمنه والوصاية الفكرية).
- بروز مراكز للقيادة حيث يتعلم القادة الجدد ما يفتقر اليه غيرهم ليضمنو لانفسهم المكانه العليا ويبدأون في الهيمنه والتوجيه لدور التعليم والثقافه لضمان تميزهم النوعي.
- تختلف استجابات الناس للتعليم فالبعض يريد أن يقرأ فقط والبعض يريد ان يتقن تخصصه والبعض يريد أن يمتاز عن غيره بوعي (القادة).
- تبدأ صياغة الشعارات والمبادئ ، ثم سيتخصص البعض في تفسير وتأويل هذه الشعارات واقناع الأغلبية بها حتى ان لم تفهمها غالبا !!!!!!
- يبدأ القادة في بناء قوة خاصة بهم او بحزبهم عبر عزل مجموعة وتربيتهم حسب حاجاتهم وتلبيه لرغباتهم.
- قد يتفق الدهاة في المجتمع على مبدأ ما لأنه يخدمهم ولا يخدم الشعب (امتيازات الساسة)  وام كانوا يبدون متخاصمين في بقية الأمور ، وسيبعثون مندوبيهم لاقناع الكل بصحة هذا العمل ، وعندما يرى العامة تظافر كل المثقفين (المبرزين) على صحة هذا العمل سيصدقون أنه حقيقي (بداية صناعة الوهم).
- اقناع الكل انه يجب ان يبقى الساسة والمثقفين في وضع جيد لأنهم هم الضامن لعدم عودة من ثرنا عليه (سياسة التخويف).
كل ذلك وزيادة هو نتيجة طبيعية جدا لعدم تحديد أهداف واضحة من الثورة واستمرارها ثورة تقتلع ولا تقوم ببناء أي شئ لأنها لم تعرف بعد ما الذي تبنيه بعيدا عن الشعارات الفضفاضة ... معظم ثورات العالم كانت وراءها فلسفات من نوع ما الا ثورات العرب فقد كانت وراها عواطف وشعارات من نوع ما ... هذا لا يعني انها لم تكن ضرورية لتحريك الراكد الثقافي والمعرفي والمجتمعي الذي ساد لقرون ... كما انه لا يعني انها ستحقق اشياء عظيمة بمجرد تأجيج المشاعر ... أما الأغبى على الاطلاق في كل هذا الحراك فهو الذي يظن انه يمكنه ان يلغي هذه الثورات بألعاب استخباراتيه او تشويهها بكميات الظلم التي ترافقها كنتيجة طبيعية لكمية الظلم المختزن في وجدان الناس عبر عشرات الطغاة او ان كل هذه الاخفاقات ستثني الناس على الثورات مستقبلا ... هؤلاء بالذات يصرون على مبدأ معاكس لسنن الله في خلقه ... ومن تعود ان يخنع لقرون سيكون قادرات على تكرار ثوراته لقرون حتى يبلور صيغة اجتماعية ونفسية يكون فيها جديرا بثورته ... لازالت مجتمعاتنا تغلي وتتخبط ولازالت الدماء تنزف منها بشدة ولازال مناصري استعمار الخارج واستحمار الداخل يعملون ... ولكن ذلك ايضا احد الضرائب التي يجب دفعها ودفعها قبلنا كل من أراد ان يغير واقعه ... فقط لا نريد الا تحديد اهداف واضحة وبناء منظومات لا تركز فقط على من الذي سيحكم بصيغه عاطفية بل تركز على كيف سيحكم وتطوير منظومات للمراقبة والتحفيز والمعاقبة ... فهل نحن قادرون ؟

ي.أ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق